نداء الحق لامة الاسلام {{فاعتبروا يا أولي الأبصار}}

 نداء الحق لامة الاسلام {{فاعتبروا يا أولي الأبصار}

Translate واق

السبت، 4 فبراير 2023

الباعث على إنكار البدع والحوادث لأبي شامة المقدسي

كتاب الروضتين في اخبار الدولتين {كتاب الروضتين في أخبار الدولتين لشهاب الدين المقدسي }

الرابط 

 

الغنية عن الكلام وأهله للخطابي البستي{أبو سليمان الخطابي}

الغنية عن الكلام وأهله للخطابي  البستي  

بسم الله الرحمن الرحيم

 

قال الخطابي

عصمنا الله وإياك أخي من الأهواء المضلة والآراء المغوية والفتن المحيرة ورزقنا وإياك الثبات على السنة والتمسك بها ولزوم الطريقة المستقيمة التي درج عليها السلف وانتهجها بعدهم صالحو الخلف وجنبنا وإياك مداحض البدع وبنيات طرقها العادلة عن نهج الحق وسواء الواضحة وأعاذنا وإياك من حيرة الجهل وتعاطي الباطل والقول بما ليس لنا به علم والدخول فيما لا يعنينا والتكلف لما قد كفينا الخوض فيه ونهينا عنه ونعمنا وإياك بما علمنا وجعله سببا لنجاتنا ولا جعله وبالا علينا برحمته

وقفت على مقالك أخي وليك الله بالحسنى وماوصفته من أمر ناحيتك وما ظهر بها من مقالات أهل الكلام وخوض الخائضين فيها وميل بعض منتحلي السنة إليها واغترارهم بها واعتذارهم في ذلك بأن الكلام وقاية للسنة وجنة لها يذب به عنها ويذاد بسلاحه عن حرمها وفهمت ما ذكرته من ضيق صدرك بمجالستهم وتعذر الأمر عليك في مفارقتهم لأن موقفك بين أن تسلم لهم ما يدعونه من ذلك فتقبله وبين أن تقابلهم على ما يزعمونه فترده وتنكره وكلا الأمرين يصعب عليك أما القبول فلأن الدين يمنعك منه ودلائل الكتاب والسنة تحول بينك وبينه وأما الرد والمقابلة فلأنهم يطالبونك بأدلة العقول ويؤاخذونك بقوانين الجدل ولا يقنعون منك بظواهر الأمور

وسألتني أن أمدك بما يحضرني في نصرة الحق من علم وبيان وفي رد مقالة هؤلاء القوم من حجة وبرهان وأن أسلك في ذلك طريقة لا يمكنهم دفعها ولا يسوغ لهم من جهة العقل جحدها وإنكارها فرأيت إسعافك به لازما في حق الدين وواجب النصيحة لجماعة المسلمين فإن الدين النصيحة

واعلم يا أخي أدام الله سعادتك أن هذه الفتنة قد عمت اليوم وشملت وشاعت في البلاد واستفاضت فلا يكاد يسلم من رهج غبارها إلا من عصمه الله تعالى وذلك مصداق قول النبي ﷺ إن الدين بدأ غريبا وسيعود كما بدأ فطوبى للغرباء فنحن البوم في ذلك الزمان وبين أهله فلا تنكر ما نشاهده منه وسلوا الله العافية من البلاء واحمده على ما وهب لك من السلامة وحاطك به من الرعاية وجميل الولاية

ثم إني تدبرت هذا الشأن فوجدت عظم السبب فيه أن الشيطان صار اليوم بلطيف حيلته يسول لكل من أحس من نفسه بزيادة فهم وفضل ذكاء وذهن ويوهمه أنه إن رضي في عمله ومذهبه بظاهر من السنة واقتصر على واضح بيان منها كان أسوة للعامة وعد واحدا من الجمهور والكافة فإنه قد ضل فهمه واضمحل لطفه وذهنه فحركهم بذلك على التنطع في النظر والتبدع لمخالفة السنة والأثر ليبينوا بذلك من طبقة الدهماء ويتميزوا في الرتبة عمن يرونه دونهم في الفهم والذكاء فاختدعهم بهذه الحجة حتى استزلهم عن واضح المحجة وأورطهم في شبهات تعلقوا بزخارفها وتاهوا عن حقائقها فلم يخلصوا منها إلى شفاء نفس ولا قبلوها بيقين علم ولما رأوا كتاب الله تعالى ينطق بخلاف ما انتحلوه ويشهد عليهم بباطل ما اعتقدوه ضربوا بعض آياته ببعض وتأولوها على ما سنح لهم في عقولهم واستوى عندهم على ما وضعوه من أصولهم ونصبوا العداوة لأخبار رسول الله ﷺ ولسنته المأثورة عنه وردوها على وجوبها وأساؤا في نقلتها القالة ووجهوا عليهم الظنون ورموهم بالتزندق ونسبوهم إلى ضعف المنة وسوء المعرفة لمعاني ما يروونه من الأحاديث والجهل بتأويله ولو سلكوا سبيل القصد ووقفوا عندما انتهى بهم التوقيف لوجدوا برد التقى وروح القلوب ولكثرت البركة وتضاعف النماء وانشرحت الصدور ولأضاءت فيها مصابيح النور والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم

 

واعلم أدام الله توفيقك أن الأئمة الماضين والسلف المتقدمين لم يتركوا هذا النمط من الكلام وهذا النوع من النظر عجزا عنه ولا انقطاعا دونه وقد كانوا ذوي عقول وافرة وأفهام ثاقبة وقد كان وقع في زمانهم هذه الشبه والآراء وهذه النحل والأهواء وإنما تركوا هذه الطريقة وأضربوا عنها لما تحققوا من فتنتها وحذروه من سوء فيها وقد كانوا على بينة من أمرهم وعلى بصيرة من دينهم لما هداهم الله له من توفيقه وشرح به صدورهم من نور معرفته ورأوا أن فيما عندهم من علم الكتاب وحكمته وتوقيف السنة وبيانها غناء ومندوحة عما سواهما وأن الحجة قد وقعت بهما والعلة أزيحت بمكانهما فلما تأخر الزمان بأهله وفترت عزائمهم في طلب حقائق علوم الكتاب والسنة وقلت عنايتهم بها واعترضهم الملحدون بشبههم والمتحذلقون بجدلهم حسبوا أنهم إن لم يردوهم عن أنفسهم بهذا النمط من الكلام ولم يدافعوهم بهذا النوع من الجدل لم يقووهم ولم يظهروا في الحجاج عليهم فكان ذلك ضلة من الرأي وغبنا منه وخدعة من الشيطان والله المستعان

 

فإن قال هؤلاء القوم فإنكم قد أنكرتم الكلام ومنعتم استعمال أدلة العقول فما الذي تعتمدون عليه في صحة أصول دينكم ومن أي طريق تتوصلون إلى معرفة حقائقها وقد علمتم أن الكتاب لم يعلم حقه وأن الرسول لم يثبت صدقه إلا بأدلة العقول وأنتم قد نفيتموها

 

قلنا إنا لا ننكر أدلة العقول والتوصل بها إلى المعارف ولكنا لا نذهب في استعمالها إلى الطريقة التي سلكتموها في الاستدلال بالأعراض وتعلقها بالجواهر وانقلابها فيها على حدوث العالم وإثبات الصانع ونرغب عنها إلى ما هو أوضح بيانا وأصح برهانا وإنما هو الشيء أخذتموه عن الفلاسفة وتابعتموهم عليه وإنما سلكت الفلاسفة هذه الطريقة لأنهم لا يثبتون النبوات ولا يرون لها حقيقة فكان أقوى شيء عندهم في الدلالة على إثبات هذه الأمور ما تعلقوا به من الاستدلال بهذه الأشياء فأما مثبتو النبوات فقد أغناهم الله تعالى عن ذلك وكفاهم كلفة المؤونة في ركوب هذه الطريقة المنعرجةالتي لا يؤمن العنت على راكبها والانقطاع على سالكها وبيان ما ذهب إليه السلف من أئمة المسلمين في الاستدلال على معرفة الصانع وإثبات توحيده وصفاته وسائر ما ادعى أهل الكلام تعذر الوصول إليه إلا من الوجه الذي يذهبون إليه ومن الطريقة التي يسلكونها ويزعمون أن من لم يتوصل إليه من تلك الوجوه كان مقلدا غير موحد على الحقيقة هو أن الله تعالى لما أراد إكرام من هداه لمعرفته بعث رسوله محمدا ﷺ بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا وقال له ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته ) وقال ﷺ في خطبة الوداع وفي مقامات له شتى وبحضرته عامة أصحابه ألا هل بلغت وكان الذي أنزل إليه الوحي وأمر بتبليغه هم كمال الدين وتمامه لقوله تعالى ( اليوم أكملت لكم دينكم ) فلم يترك ﷺ شيئا من أمر الدين قواعده وأصوله وشرائعه وفصوله إلا بينه وبلغه على كماله وتمامه ولم يؤخر بيانه عن وقت الحاجة إليه إذ لا خلاف بين فرق الأمة أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز بحال ومعلوم أن أمر التوحيد وإثبات الصانع لا تزال الحاجة ماسة إليه أبدا في كل وقت وزمان ولو أخر عنه البيان لكان التكليف واقعا بما لا سبيل للناس إليه وذلك فاسد غير جائز وإذا كان الأمر على ما قلناه وقد علمناه يقينا أن النبي ﷺ لم يدعهم في أمر التوحيد إلى الاستدلال بالأعراض وتعلقها بالجواهر وانقلابها فيها إذ لا يمكن أحد من أصحابه من هذا النمط حرفا واحدا فما فوقه لا من طريق تواتر ولا آحاد علم أنهم قد ذهبوا خلاف مذهب هؤلاء وسلكوا غير طريقتهم ولو كان في الصحابة قوم يذهبون مذاهب هؤلاء في الكلام والجدال لعدوا في جملة المتكلمين ولنقل إلينا أسماء متكلميهم كما نقل أسماء فقهائهم وقرائهم وزهادهم فلما لم يظهر ذلك دل على أنه لم يكن لهذا الكلام عندهم أصل.

 

وإنما ثبت عندهم أمر التوحيد من وجوه:

 

أحدها ثبوت النبوة بالمعجزات التي أوردها نبيهم من كتاب قد أعياهم أمره وأعجزهم شأنه وقد تحداهم به وبسورة من مثله وهم العرب الفصحاء والخطباء والبلغاء فكل عجز عنه ولم يقدر على شيء منه إما بأن لا يكون من قواهم ولا من طباعهم أن يتكلموا بكلام يضارع القرآن في جزالة لفظه وبديع نظمه وحسن معانيه وإما أن يكون ذلك في وسعهم وتحت قدرتهم طبعا وتركيبا ولكنهم منعوه وصرفوا عنه ليكون آية لنبوته وحجة عليهم في وجوب تصديقه وإما أن يكون إنما عجزوا عن علم ما جمع في القرآن من أنباء ما كان والإخبار عن الحوادث ودعاهم إليه من أمر وحدانية الله تعالى وإثبات صفاته وإلى ذلك ما وجدوه في أنفسهم وفي سائر المصنوعات من آثار الصنعة ودلائل الحكمة الشاهدة على أن لها صانعا حكيما عالما خبيرا تام القدرة بالغ الحكمة وقد نبههم الكتاب عليه ودعاهم إلى تدبره وتأمله والاستدلال به على ثبوت ربوبيته فقال ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون ) إشارة إلى ما فيها من آثار الصنعة ولطيف الحكمة الدالين على وجود الصانع الحكيم لما ركب فيها من الحواس التي يقع عنها الإدراك والجوارح التي يتأثر بها القبض والبسط والأعضاء المعدة للأفعال التي هي خاصة بها كالأضراس الحادثة فيهم عند غنائهم عن الرضاع وحاجتهم إلى الغذاء فيقع بها الطحن له وكالمعدة التي اتخذت لطبخ الغذاء والكبد التي يسلك إليها صفاوته وعنها يكون انقسامه على الأعضاء في مجاري العروق المهيأة لنفوذه إلى أطراف البدن وكالأمعاء التي إليها يرسبثفل الغذاء وتمجه فيبرز عن البدن وكقوله تعالى ( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت) وكقوله ( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ) وما أشبه ذلك من جلال الأدلة وظواهر الحجج التي يدركها كافة ذوي العقول وعامة من يلزمه حكم الخطاب مما يطول تتبعه واستقراؤه فعن هذه الوجوه ثبت عندهم أمر الصانع وكونه ثم تبينوا وحدانيته وعلمه وقدرته بما شاهدوه من اتساق أفعاله على الحكمة واطرادها في سبلها وجريها على إدلالها ثم علموا سائر صفاته توقيفا عن الكتاب المنزل بأن حقه وعن قول النبي ﷺ المرسل الذي قد ظهر صدقة ثم تلقى جملة أمر الدين عنهم أخلاقهم وأتباعهم كافة عن كافة قرنا بعد قرن فتناولوا ما سبيله الخبر منها تواترا واستفاضة على الوجه الذي تقوم به الحجة وينقطع فيه العذر ثم كذلك من بعدهم عصرا بعد عصر إلى آخر من تنتهي إليه الدعوة وتقوم عليه به الحجة فكان ما اعتمده المسلمون في الاستدلال أصح وأبين وفي التوصل إلى المقصود به أقرب إذ كان التعلق في أكثر إنما هو بمعان تدرك بالحس وبمقدمات من العلم مركبة عليها لا يقع الخلف في دلالاتها فأما الأعراض فأن التعلق بها أن يكون عسرا وإما أن يكون تصحيح الدلالة من جهتها عسرا متعذرا وذلك أن اختلاف الناس قد كثر فيها فمن قائل لا عرض في الدنيا ناف لوجود الأعراض أصلا وقائل إنها قائمة بأنفسها لا تخالف الجواهر في هذه الصفة إلى غير ذلك من الاختلاف فيها وأوردوا في نفيها شبها قوية فالاستدلال بها والتعلق بأدلتها لا يصح إلا بعد التخلص من تلك الشبه والانفكاك عنها

 

والطريقة التي سلكناها سليمة من هذه الآفات بريئة من هذه العيوب فقد بان ووضح فساد قول من زعم وادعى من المتكلمين أن من لم يتوصل إلى معرفة الله وتوحيده من الوجه الذي يصححونه في الاستدلال فإنه غير موحد في الحقيقة لكنه مستسلم مقلد وأن سبيله سبيل الذرية في كونها تبعا للآباء في الإسلام وثبت أ قائل هذا القول مخطئ وبين يدي الله ورسوله مقدم وبعامة الصحابة وجمهور السلف مزر وعن طريقة السنة عادل وعن نهجها ناكب فهذا قولهم ورأيهم في عامة السلف وجمهور الأئمة وفقهاء الخلف فلا تشتغل رحمك الله بكلامهم ولا تغتر بكثرة مقالاتهم فإنها سريعة التهافت كثيرة التناقض وما من كلام نسمعه لفرقة منهم إلا ولخصومهم عليه كلام يوازيه أو يقاربه فكل بكل معارض وبعض ببعض مقابل وإنما يكون تقدم الواحد منهم وفلجه على خصمه بقدر حظه من البيان وحذقة في صنعة الجدل والكلام وأكثر ما يظهر به بعضهم على بعض إنما هو إلزام من طريق الجدل على أصول مؤصلة ومناقضات على مقالات حفظوها عليهم فهم يطالبونهم بعودها وطردها فمن تقاعد عن شيء منها سموه من طريق الجدل منقطعا وجعلوه مبطلا وحكموا بالفلج لخصمه عليه والجدل لا يبين به حق ولا تقوم به حجة وقد يكون الخصمان على مقالتين مختلفتين كلتاهما باطلة ويكون الحق في ثالثة غيرهما فمناقضة أحدهما صاحبه غير مصحح مذهبه وإن كان مفسدا به قول خصمه لأنهما مجتمعان معا في الخطأ مشتركان فيه كقول الشاعر فيهم

 

حجج تهافت كالزجاج تخالها ** حقا وكل كاسر مكسور

 

وإنما كان الأمر كذلك لأن واحدا من الفريقين لا يعتمد في مقالته التي ينصرها أصلا صحيحا وإنما هو أوضاع وآراء تتكافأ وتتقابل فيكثر المقال ويدوم الاختلاف ويقل الصواب قال الله تعالى ( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ) فأخبر سبحانه أن ما كثر فيه الاختلاف فإنه ليس من عنده وهذا من أدل الدليل على أن مذاهب المتكلمين فاسدة لكثرة ما يوجد فيها من الاختلاف المفضي بهم إلى التكفير والتضليل وذلك صفة الباطل الذي أخبر الله سبحانه عنه ثم قال في صفة الحق ( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق)

 

فإن قيل إن دلائل النبوة ومعجزات النبي ﷺ ما عدا القرآن إنما نقلت إلينا من طريق الآحاد على من كان في الزمان المتأخر لجواز وقوع الغلط فيها واعتراض الآفات من الكذب وغيره عليها قيل هذه الأخبار وإن كان شروط التواتر في آحادها معدومة فإن جملتها راجعة من طريق المعنى إلى التواتر ومتعلقة به جنسا لأن بعضها يوافق بعضا ويجانسه إذ كل ذلك واقع تحت الإعجاز والأمر المزعج للخواطر الناقض لمجرى العادات

 

ومثال ذلك أن يروي قوم أن حاتم الطائي وهب لرجل مائة من الإبل ويروي آخرون أنه وهب لرجل آخر ألفا من الغنم وآخرون أنه وهب لآخر عشرة أرؤس من الخيل والرقيق وما يشبه ذلك حتى يكثر عدد ما يروى منه فهو وإن لم يثبت التواتر في كل واحد منها نوعا نوعا فقد ثبت التواتر في جنسها فقد حصل من جملتها العلم الصحيح بأن حاتما سخي كذلك هذه الأمور فإن لم تثبت أفراد أعيانها تواترا فقد ثبتت برواية الجم الغفير الذي لا يحصى عددهم ولا يتوهم التواطؤ في الكذب عليهم أنه جاء بمعنى معجز للبشر خارج عما في قدرتهم فصح بذلك أمر نبوته وبالله التوفيق

 

فإن قيل فيجب على هذه المقدمة التي قدمتموها أن لا يكون الإيمان بالله ولا معرفة وحدانيته واجبا على من يعقل قبل أن يبعث إليه رسول وأن لا يكون بتركه مؤاخذا وعليه معاقبا قيل كذلك نقول وعليه دل قوله سبحانه (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) وقوله حكاية عمن استحق العقوبة على ترك الإيمان به وبالبعث ( ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ) فأقام الحجة عليهم ببعثه الرسل فلو كانت الحجة لازمة بنفس العقل لم تكن بعثة الرسل شرطا لوجوب العقوبة وقال ﷺ ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ) فدل على أنه الداعي إلى الإيمان وصح أن الدعوة له والحجة إنما تقوم به

والحمد لله رب العالمين

 

يمتنع ان تكون اللام للقبل في الاحالات التالية

يمتنع ان تكون اللام للقبل في الاحالات التالية 

 

https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEix_-k2_W_izQ0gqlwBdsSE5tIePhnIGgws-LENJpPgHQpzTP5tMxa4BEbqXGKCaWjvKcPWbO0UA7GfU8_Tkf18SUW1KSih6atuN_aOSnv_SRBJmg2pr7_0eqGO_OuLNt_ha4PE_IOMc2bB/s1600/%25D9%258A.png

يمتنع مع لام القَبْلِ أن تسري دلالات الآيات التالية:

بل تسري مع اللام بمعني بعد

فـــ يمتنع مع لام القَبْلِ أن تسري دلالات الآيات التالية :

قوله تعالي {..إذا طلقتم النساء فطلقوهن لـــ  عدتهن...} يؤولونها قبل عدتهن منتهي البطلان انما يلزم تعينها علي معني بعد عدتهن ولا بديل 

لأنه مع افتراض أن الطلاق قد حدث قبل العدة كما كان في سورة البقرة2هـ  بالتلفظ به هناك فلن يكون معني الاية هنا في سورة الطلاق5هـ ان تكرر هنا  (..إذا طلقتم ...فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة ) وهذ باطل من الناس أن ينسبوا هذا اللغو في السياق والأسلوب الي الباري حاشاه سبحانه وتنزه عن ذلك وعلا علوا كبيرا فضلا علي أن لام انتهاء الغاية هنا مستوفاة لشروطها كلها بمعني {{بعد}} وحيث يمتنع كل شرط في وقوع الطلاق بعد وقوعه الفعلي والله تعالي اشترط فيما يظنه الناس طلاقا واقعا شروطا ستتم أولا لوقع الطلاق ومعني هذا أن الطلاق المشار إليه في سورة الطلاق6/5 هـ قد رتب الله تعالي له شروطا يجب أن تتم كاملة أولا وقبل وقوعه  منها

1.       .تفويت عدة طولها ::

۱.ثلاثة قروء لمن تحيض من  النساء

*   2. أو ثلاثة أشهر قمرية للاتي لا يحضن منهن كاليائسة من المحيض أو كالصغيرة التي لا تحيض أو المرأة المرضع التي حجبت حيضتها بسبب الإرضاع

     3.   أو المرأة الحامل التي يكتظ رحمها بالحمل حتي تضع حملها بسقطٍ أو ولادةٍ

۲    وجوب إحصاء عدة لكل حالة من الحالات الثلاث السابقة كما أشارت آيات سورة الطلاق ۳ والاحصاء له بداية ونهاية ولا يكون إحصاءا إلا إذا أغلق أول الطريق بآخره  فعند نقطة النهاية تبدأ نقطة بداية الأحداث الفعلية للطلاق فيأذن الله بالتلفظ الفالق لميثاق الزواج إن أراد الزوج أن يطلق في هذه النقطة وفيها فقط ،   وفي هذه النقطة وفيها فقط يجب علي الراغب في الطلاق أن يتأكد أنه بلغها بلوغا يقينيا وفي هذه النقطة وفيها فقط قد أعطي الباري جل وعلا آخر فرصة  للزوج   العازم  علي الطلاق أن يتراجع عن عزيمته وأن ينتكس في قراره ولا يطلق زوجته (فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف) /يعني لا تطلقوهن/ وأمسكوهن بمعروف  وفي هذه النقطة وفيها فقط يأذن للزوج العازم علي الطلاق والغير متراجع عنه أن يطلق فيفارق زوجته (..أو فارقوهن بمعروف) وفي هذه النقطة وفيها فقط وبعد الإمساك أو التفريق أي التطليق تكون أول شهادة أوجب الله تعالي علي الزوجين أن يقيمانها علي حدث التراجع عن الطلاق(..فأمسكوهن بمعروف..) أو علي الفراق (..أو فارقوهن بمعروف){وأشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا الشهادة لله

يمتنع مع لام القَبْلِ أن تسري دلالات الآيات التاليةhttps://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEix_-k2_W_izQ0gqlwBdsSE5tIePhnIGgws-LENJpPgHQpzTP5tMxa4BEbqXGKCaWjvKcPWbO0UA7GfU8_Tkf18SUW1KSih6atuN_aOSnv_SRBJmg2pr7_0eqGO_OuLNt_ha4PE_IOMc2bB/s1600/%25D9%258A.png

 ===

كتب أستاذ المادة علاء كاظم جاسم الموسوي
حرف الجر ( اللام) ومعانيه
حظي هذا الحرف بعناية بعض النحويين فألفوا فيه كتباً منفردة ، ومنه كتاب ( اللامات) للزجاجي ، وله معان متعددة ، وأشهرها ما يأتي :
الأول : الاستحقاق، وهي الواقعة بين معنىً وذات، نحو (الحمد لله) و(العزة لله)، والملك لله، والأمر لله، ونحو قوله تعالى : (ويل للمطففين) وقوله تعالى :(لهم في الدنيا خزيٌ) .
والثاني: الاختصاص نحو قولنا : الجنة للمؤمنين، وهذا الحصير للمسجد، والمنبر للخطيب، والسرج للدابة، والقميص للعبد ونحو قوله تعالى : (فإنْ كانَ لهُ إخوةٌ) وقولك: هذا الشعر لحبيب، وقولك: أدوم لك ما تدوم لي.
والثالث: الملك، نحو قوله تعالى : (لهُ ما في السمواتِ وما في الأرض) وبعضهم يستغني بذكر الاختصاص عن ذكر المعنيين الآخرين، ويمثل له بالأمثلة المذكورة ونحوها.
والرابع: التمليك، نحو وهبت لزيد ديناراً.
والخامس: شبه التمليك، نحو قوله تعالى : (جعلَ لكم من أنفسكم أزواجاً).
والسادس: التعليل ، ترد اللام للتعليل ، ومنه قوله تعالى : (( إنما نطعمكم لوجه الله )) ، وكقولك : جئت للاستفادة .
والسابع: : موافقة إلى، نحو قوله تعالى (بأنّ ربَّكَ أوحى لها)،أي : إليها ، وقوله تعالى : (كلٌّ يجري لأجلٍ مُسمّى)، وقوله تعالى : (ولو رُدّوا لعادُوا لما نهوا عنه).
والثامن: موافقة على في الاستعلاء الحقيقي ، والاستعلاء المجازي ، فمن الحقيقي قوله تعالى : (ويخِرّونَ للأذقان) ، وقوله تعالى :(دعانا لجنبهِ)، وقوله تعالى :(وتلّهُ للجبينِ).
ومن المجازي قوله تعالى : (وإنْ أسأتمْ فلها) .
والتاسع: موافقة لـ ( في )نحو قوله تعالى: (ونضعُ الموازينَ القسطَ ليومِ القيامةِ)، وقوله تعالى :(لا يُجلّيها لوقتها إلا هي)، وقولهم مضى لسبيله ، فاللام في هذه الآيات بمعنى (في)
والعاشر: أن تكون بمعنى عند كقولهم كتبتُه لخمسٍ خلونَ وجعل منه ابن جني قراءة الجحدري (بل كذَّبوا بالحقِّ لِما جاءهم) بكسر اللام وتخفيف الميم.
والحادي عشر : موافقة    بعد نحو قوله تعالى: (أقمِ الصلاةَ لدُلوكِ الشمسِ)

وفي الحديث صُوموا لرؤيتهِ، وأفطروا لرؤيته

وقال الشاعر:
فلمّا تفرّقنا كأنّي ومالكاً ... لطولِ اجتماعٍ لمْ نبتْ ليلةً معا

فاللام بمعنى ( بعد) ، وقيل أنها بمعنى (مع) .
والثاني عشر: موافقة لـ ( من ) نحو سمعت له صُراخاً، وقول جرير:
لنا الفضلُ في الدنيا وأنفُكَ راغمٌ ... ونحنُ لكم يومَ القيامِ أفضلُ
والثالث عشر: التبليغ، وهي الجارة لاسم السامع لقولٍ أو ما في معناه، نحو قلت له، وأذنتُ له، وفسَّرتُ له.
والرابع عشر: الصيرورة، وتسمى لام العاقبة ولام المآل، نحو قوله تعالى : (فالتقطهُ آلُ فرعونَ ليكون لهم عدوّاً وحزَناً) وقوله:
فللموتِ تغذُو الوالداتُ سِخالها ... كما لخرابِ الدّورِ تُبنى المساكنُ
وقوله:
فإنْ يكنِ الموتُ أفناهمُ ... فللموتِ ما تلدُ الوالدهْ
والخامس عشر: التعجب المجرد عن القسم، وتستعمل في النداء كقولهم: يا لَلماء ويا للعُشب إذا تعجبوا من كثرتهما، وقوله:
فيا لَكَ من ليلٍ كأنّ نجومه ... بكلِّ مُغارِ الفتلِ شُدَّتْ بيذبُلِ
وقولهم: يا لكَ رجُلاً عالماً وفي غيره قولهم لله درُّه فارساً، وللهِ أنت، وقوله:
شبابٌ وشَيبٌ، وافتقارٌ وثروةٌ ... فللهِ هذا الدّهرُ كيفَ تردَّدا

اللام من موقع مزامير

من موقع مزامير آل داود

بسم الله الرحمن الرحيم 
أولا :
اللامات مفردة ، وغير مفردة
والمفردة قسمان :
( عاملة ، وغير عاملة )
والعاملة : إما أن تكون عاملة للجر
_ وهي لامات الجر _
وإما أن تكون عاملة للجزم _ وهي اللام الموضوعة للطلب _
(نبتدأ باللامات المفردة العاملة للجر )
" والعاملة للجر مكسورة مع كل ظاهر نحو :
( لِزيد ، لِعمرو ) ، إلا مع المستغاث المباشر للياء فمفتوحة نحو : ( يالَله ) ،
ومفتوحة مع كل مضمر نحو :
( لَنا ، لَكم ، لَهم ) ، إلا مع ياء المتكلم فمكسورة ( لِي ) "
وبيانها كالآتي :

اسم اللام

تدخل على

معناهــا

مثـــالها

الاستحقاق

الأسماء
وهي : الواقعة بين معنى وذات

استحقاق الذات للمعنى

( الحمد لله )
( ويل للمطففين )

الاختصاص

الأسماء
وهي: الواقعة بين ذاتين وتدخل على من لا يتصور منه الملك

اختصاص ذات بذات

(فإن كان له إخوة)
الحصير للمسجد

الملك

الأسماء
وهي : الواقعة بين ذاتين وتدخل على من يتصور منه الملك

امتلاك ذات لذات

(له ما في السموات)
المال لمحمد

التمليك

كسابقتها ، إلا أن الشيئ المُمَلَّك وُهِبَ من قِبَلِ شَخْصٍ للمالك

امتلاك ذات لذات عن طريق الهبة

وهبت لزيد مالا

شبه
التمليك

كسابقتها ، إلا أن الشيئ المُمَلَّك الذي وُهِبَ للمالك ذات بشرية

امتلاك ذات لذات بشرية

(جعل لكم من أنفسكم أزواجا)

بمعنى
( إلى )

الأسماء وتكون بمعنى ( إلى )

انتهاء الغاية

( بأن ربك أوحى لها )
(كل يجري لأجل مسمى)

بمعنى
(على)


الأسماء وتكون بمعنى ( على )

الاستعلاء الحقيقي والمجازي

( ويخرون للأذقان )
( دعانا لجنبه )
( وإن أسأتم فلها )

بمعنى
( في )


الأسماء وتكون بمعنى ( في )


الظرفية

( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة )
( لا يجليها لوقتها إلا هو )

بمعنى(عند)

الأسماء وتكون بمعنى ( عند )


بل كذبوا بالحق لما جاءهم

بمعنى (بعد)

الأسماء وتكون بمعنى ( بعد )


أقم الصلاة لدلوك الشمس

بمعنى (مع)

الأسماء وتكون بمعنى ( مع )


كأني ومالكا لطول اجتماع

بمعنى (من)

الأسماء وتكون بمعنى ( من )


سمعت له صراخا

بمعنى (عن)

الأسماء وتكون بمعنى ( عن )


ولا أقول للذين تزدري أعينكم

التبليغ

هي الجارة لاسم السامع لقول أو ما في معناه


قلت له ، أذنت له ،
فسرت له



============

اللامات جديد

وإليكم بحث شيق في معاني ( اللام )
نقلته من مشاركات الأستاذ إسلام اليسر

موقع مزامير آل داود

......................
( اللاّم )

معانيها واستعمالاتها التراثية.

لقد أثبت ( الأنطاكي ) في محيطه (24) معنى لــ (اللام) بوصفها عاملة جر، وكذلك (7) معان بوصفها عاملة جزم ، وأخيراً (8) معانٍ بوصفها غير عاملة . بما مجموعه (39) قسماً ومعنى .
لتتفوق (اللام) بذلك على معظم حروف المعاني .
أما لدى (
ابن هشام ) فكان لها قرابة (50) معنىً وقسماً ووجهاً واستعمالاً.
الحالة الأولى:(اللام) بوصفها عاملة جر:
على الرغم من أن معانيها واستعمالاتها في هذه الحالة مستمدة أصلاً من خاصية الإلصاق في طريقة النطق بصوتها ، إلا أنه يمكننا تقسيمها إلى ثلاثة فئات:
فالفئة الأولى :تتحول فيها معاني الإلصاق إلى مسائل الملكية صراحة أو ضمناً.
والفئة الثانية : تستمد معانيها (صراحة) من خاصية الإلصاق في التلفظ بصوتها.
والفئة الثالثة : تستمدها (ضمناً) من خاصية الإلصاق ، أيضاً.
الفئة الأولى : ( الملكية )
وهي لـــــــ (
سبعة ) معان :
1-الاستحقاق نحو: ((الحمد لله))
2-
الاختصاص نحو: ((السرج للفرس)) .
3-
التملك نحو: ((الكتاب لزيد)).
4-
التمليك نحو: ((وهبت لزيد كتاباً))
5-
شبه التمليك نحو: ((جعل لكم من أنفسكم أزواجاً)).
وهذه المعاني الخمسة مستمدة مباشرة من خاصية الإلصاق المادي أو المعنوي
في ( اللام ) ، مما لا حاجة معها لأي توضيح .
6-
التعليل : كما في قول امرئ القيس في معلقته :
((ويومَ عقرتُ للعذارى مَطيَّتي..))
ولكن معنى (شبه التمليك) هنا غير خفي ، وإن كان للتعليل .
فمطيته قد أصبحت ملكاً للعذارى بعد عقرها.
7-
للتعدية : كقوله تعالى: ((فهب لي من لدنك ولياً)).
وهي عند (ابن مالك) لشبه التمليك.
أما عند (ابن هشام) فهي للتبليغ، نحو ((ما أحب زيداً لبكر)). وهذا المعنى في المثال الأخير مستمد من خاصية الإلصاق في ( اللام ) كما سيأتي في الفئة الثانية.
.....................................
الفئة الثانية :
( الإلصاق )
وهي على (
ثلاثة ) أوجه :
1-توكيد النفي: كقوله تعالى : ((لم يكن الله ليغفر لهم)) .
يقول الكوفيون : إن (اللام) أدخلت هنا لتقوية النفي . وهذه التقوية فيما نرى مستمدة أصلاً من خاصية الإلصاق في (اللام) مما لا مجال مع هذه المادة اللاّصقة للخروج عن حكم النفي في هذه الآية :
2-
التوكيد الإيجابي : وهو على ( أربعة ) أنواع :
آ- (
اللام) المعترضة بين الفعل المتعدي ومفعوله كقول الشاعر :
وَمَنْ يَكُ ذَا عَظْمٍ صَلِيبٍ رَجَا بِهِ ***
لِيَكْسِرَ عُودَ الدَّهْرِ فَالدَّهْرُ كَاسِرُهُ
ب- (
اللام) المُقْحَمَةُ_ وهي المعترضة بين المتضايفين _ نحو :
((يا بؤس
لِلحرب))، وأصلها ((يا بؤس الحرب)).
ج- (
لام) التقوية ، نحو: ((فعّال لما يريد))، وأصلها ((فعّال ما يريد)).
د- (
لام) المستغاث، نحو: ((يا لَزيد)) ، بفتح (اللام) ، بمعنى أن (زيداً) هو المستغاث به أي المطالب بالإغاثة . فإن كسرت (اللام) ، كان زيد هو المستغاث لأجله . وهذه الكسرة مخفف (الياء) تتوافق مع جعل الاستغاثة لمتعلقها (زيد) قياساً على وظيفة (الياء) في النسبة (كتاب-كتابي).
وهذه المعاني في الأمثلة الآنفة الذكر تعود جميعاً إلى خاصية الإلصاق في (اللام). فالتكويد الإيجابي مثل توكيد النفي ووظيفته إلصاق الأحكام بمتعلقيها.
فطبيعة التوكيد ذاتها تتضمن معنى الإلصاق.
3-
التبيين : وهي ( ثلاثة ) أقسام:
آ- (
لام) تبين المفعول من الفاعل . وهي التي تقع بعد فعل تعجب أو اسم تفضيل للحب أو البغض نحو:
((ما أحبني-أبغضني
لِزيد)). أي ما أشد حبي أو بغضي له. و (اللام) هنا للإلصاق، قد ألصقت حبي أو بغضي بزيد.
أما لو قلنا: ((ما أحبني ، أبغضني إلى زيد)). لا نقلب المعنى ، وصرت أنا المحبوب أو المبغوض من زيد ، وذلك لأن من معاني (إلى ) بلوغ الغاية، وليس الإلصاق، كما سيأتي ففعل الحب أو البغض قد انتقل (مني) إلى أن بلغ (زيد)، فصار هو الذي يُحب أو يُبغِض.
ب- (
لام) تبين المفعول في أسلوب دعائي نحو:
((سقياً
لِزيد، وجوعاً له)). فاللام هنا مبيّنة للمدعو له أو عليه.
بمعنى (سقى الله زيداً وجوّعه).
ج- (
لام) تبين الفاعل في أسلوب دعائي ، نحو:
((تباً
لِزيد وويحاً له)) ، بمعنى (خسر زيدٌ وهلك) .
وخاصية التبيين في المعنيين الأخيرين مستمدة أيضاً من خاصية الإلصاق في حرف (اللام) ، كما في المعنى الأول ، فالإلصاق يتضمن معنى التبيين.
4-
التبليغ نحو: ((قلت له، وأذنت له، وفسّرت له)).
وذلك لخاصية الإلصاق في (اللام).
5-
التعجب مع القسم : وتختص باسم الله تعالى ، نحو :
(
لله ، لقد أصبح زيد شاعراً).
6-
التعجب وَحْدَهُ نحو:
((يا
لَجمال الربيع)). وخاصية الإلصاق في الفقرتين الأخيرتين غير خفية.
7-
الصيرورة : وتسمى (لام) العاقبة ، والمآل ،
كقوله تعالى : ((فالتقطه آل فرعون
ليكون لهم عدواً وحزناً)).
وخاصية الإلصاق في الصيرورة أشد ثباتاً ووضوحاً بفعل الاستمرارية.
...........................
الفئة الثالثة :

لموافقة معاني بعض حروف الجر وسواها :
1-موافقة (إلى) ، نحو: ((كلُّ يجري لأجلٍ مُسمَّى)).
2-موافقة (
على) في الاستعلاء الحقيقي، كقوله تعالى : ((ويخرّون للأذقان)).
وفي الاستعلاء المجازي ، نحو: ((وإن اسأتم ف
لها)).
3-موافقة (
في)، نحو: ((مضى لسبيله)).
4-بمعنى (
عند) ، نحو: ((كتبته لخمس خلون)).
5-
موافقة (بعد) ، كما في الحديث : ((صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته)).
6-موافقة (
من) ، نحو: ((سمعت له صراخاً)).
7-موافقة (
مع) كقول الجحدري:


فلمَّا تَفَرَّقْـــنَا كَأَنِّــــــــــي وَمَالِكًـــا *** لطولِ اجتماعٍ لمْ نبتْ ليلةً مع
وواضح أن خاصية الإلصاق الفطرية في (اللام) هي الرابطة بين استعمالاتها التراثية وبين ما وافقته من حروف الجر (إلى-على-في-من)، وأسماء الظرف: (عند-مع-بعد). وهذا التوافق مرده أن أحرف الجر وأسماء الظرف آنفة الذكر تتضمن هي ذاتها معاني الإلصاق، سواء أكانت (اللام) توافقها أو لا توافقها.
كما في أقوالنا: ((ذهب (إلى) البيت ، جلس (على) الكرسي ، وضعه (في) الصندوق ، أقام (عند) صديقه ، جاء (بعده) ، خرج (من) المنزل ، سكن (مع) صاحبه)) .
فالملاصقة في هذه الأمثلة واضحة لا تحتاج إلى تقدير.
ولكن خاصية الإلصاق الغالبة على معاني (اللام) بوصفها عاملة جر، هل ستظل تلاحقها بوصفها عاملة جزم، ولا عمل لها؟.
...............................
الحالة الثانية :
(اللام) بوصفها عاملة جزم :
ولها( سبعة ) أوجه :
حذر التكرار، سنؤجل الحديث عن هذه الحالة، إلى أن نستعرض معاني (اللام) مع الأحرف الجازمة . وسنرى أن خاصية الإلصاق لن تفارقها في الجوازم أيضاً ، لا بل ستكون هناك أشد وضوحاً.
( لامُ الأمر )
لقد سبق أن تحدثنا عن (اللام) الجارة ، وأرجأنا الحديث عن (اللام) الجازمة إلى أن ترد في زمرتها مع الأحرف الجازمة . وسنرى أن الخصائص الفطرية لـ (اللام) في الإلصاق والالتصاق ستظل ترافقها هنا وأينما وقعت ، كما مر معنا في حروف العطف والجر ، وكما سيأتي في حروف المعاني التي تشارك في تراكيبها .
وثبات معنى الإلصاق في (اللام) وما يماثله من معاني التوصيل والضم والإلزام والالتزام يعود إلى أن هذه الخاصية فيها (إيمائية تمثيلية) لم تتبدل ولم تتغير منذ أبدعت في المرحلة الزراعية إلى يومنا هذا.
فكان الأمر مع (اللام) بمعنى الإلزام يتوافق مع خصائص (الإيمائية التمثيلية) الفطرية على الإلصاق.
حول معانيها واستعمالاتها التراثية :
هي حرف جزم : ((لِيذهبْ زيدٌ إلى الدار)) . ولها في المحيط (7) أحكام.
1-هي مكسورة في اللغة المشهورة ، مما يزيد من فعاليتها الذاتية .
أما بنو سليم فيفتحونها ، مما يحدُّ من مغاليظها.
2-يكثر أن تُسكَّن إذا جاءت بعد (الفاء والواو) . ونرى أن التسكين أوحى بفعاليتها الذاتية من (الكسرة) ،
كقوله تعالى: ((فلْيستجيبوا لي ولْيؤمنوا بي)) .
3-وتسكينها بعد (ثمّ) قليل ،
نحو: (ثم لْيقضوا) في قراءة الكوفيين ، رداً على من قال أنه خاص بالشعر.
4-يجب استعمالها للطلب في موضعين .
أ-إذا كان الفعل مبنياً للمجهول ،
نحو: ((لِيُعنَ زيدٌ بحاجتي)).
ب-إذا كان الطلب موجهاً لغائب،
نحو: ((ليكتبْ زيدٌ درسَه)) ، إذ ليس للغائب صيغة أمرية.
5-استعمالها للطلب من المخاطب قليل ، لأن المخاطب له صيغة أمرية تغني عنها، نحو: ((اكتبْ يا زيد)). فهو أبلغ وأشد حزماً من قولنا: (فلتكتبْ يا زيد)).
6-استعمالها لأمر المتكلم نفسِه قليلٌ لأنه لا حاجة لأن يأمر الإنسان نفسه ،
كقوله تعالى ((وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولْنحمِلْ خطاياكم)).
7-وقد تحذف في الشعر ويبقى عملها على ما جاء في ((مغني اللبيب)) كقول الشاعر:
فلا تستطل مني بقائي ومدتي *** ولكن يكن للخبر منك نصيب
أي (ليكنْ للخير..) ، ومنَعَ المبرِّد حذف (اللام) مع إبقاء عملها حتى في الشعر. ونحن أميل للاخذ برأيه ؛ لأن الفعالية في الأمر تعود إلى (اللام) الظاهرة ، وليس الى المقدرة تقديراً.
وبقي أن نلفت الانتباه إلى أن (لام) الطلب ، قد تكون (للأمر) كما سبق بيانه .
وقد تكون (للدعاء) ، نحو: ((ليقضِ علينا ربك)) ، و((للالتماس)) ،
نحو: ((ليفعلْ فلان كذا)) إذا لم يرد الاستعلاء عليه ، وقد تكون ((للتهديد)) ، كقوله تعالى : ((ومن شاء فليكفرْ)) .
وهكذا يكون الإنسان العربي قد أفاد من خاصية الإلصاق في (اللام) ليلزم الفاعلُ غيرَه بأمرٍ ما عندما لا يجد لـه صيغة معينة للإلزام، كما إذا كان هذا الأمر يتعلق بغائب، أو كان الفعل مبنياً للمجهول. لتأخذ (اللام) هنا وظيفتها الفطرية في الإلزام ضرباً من ضروب الإلصاق، فتحافظ على معانيها الفطرية في (لام الأمر) أيضاً.
وبذلك تكون (لام الأمر)، هي إحدى المستحاثات اللغوية شاهد إثبات على أصالة اللغة العربية وفطرتها وبداءتها.
........................................................
الحالة الثالثة :
(اللام) لا عمل لها ،
ولها( سبعة ) معان :
1-(لام) الابتداء ، وتسمى (لام) التوكيد ، نحو: ((لَنِعْمَ الرجل زيد)).
2-(لام)المزحلقة عن صدر الجملة إلى عَجُزِهَا بعد دخول (إنّ) المشددة ،
نحو: ((إنّ زيداً لقائم)).
3-(اللام) الفارقة : وهي (اللام) المزحلقة بعد (إنْ) المخففة ،
نحو: (إنْ زيداً لقائم).
4-(اللام) الزائدة : وهي الواقعة في خبر المبتدأ ،
نحو: (الرجل لكريم مِحتِدُه)) ، وكذلك في خبر (لكنَّ) ، وخبر (ما) ، وخبر (ما زال) ، وفي المفعول الثاني لـ (أرى)، نحو: ((أراك لشاتمي)).
ويرى الأنطاكي أن /اللام/ الزائدة في المواقع الآنفة الذكر هي (لامات) ابتداء إذ المعنى فيهن جميعاً واحد وهو /التوكيد/ المحيط (الجزء 3 ص204).
5- (اللام) الواقعة في جواب (لو، ولولا) :
كقوله تعالى : ((لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا)).
6- (اللام) الواقعة في جواب القسم :
كقوله تعالى ((وتاللهلأكيدنَّ أصنامَهم)).
7- (اللام) الموطئة للقسم :
كقوله تعالى : ((.. ولئن نصروهم ليولُّنَّ الأدبارَ ثم لا يُنصرون)).
وهذه (اللامات) في مختلف معانيها تفيد التوكيد صراحة أو ضمناً ، مما يفيد إلصاق الأحكام بمتعلقيها ، كما أسلفنا بمعرض الحديث عن التوكيد الإيجابي والمنفي.
وهكذا ، على الرغم من تنوع معاني (اللام) وأقسامها واستعمالاتها التي قاربت الخمسين لدى (ابن هشام) و (39) لدى الأنطاكي ، فإن المتمّعن فيها لا بد واجد بينها وبين خاصية الإلصاق الفطرية فيها صلات مباشرة تارة وضمنية تارة أخرى.
أ.ه من كتاب (حـــروف المعــاني بين الأصـالة والحـداثة ) للدكتور : حسن عباس 

صحيح السيرة النبوية ت الشيخ الالباني

صحيح السيرة النبوية ت الشيخ الالباني